قالت لها متعجِّبة من تشابُه الأحداث في قصتيهما:
• رأيتِ صورتي، فهل هناك تَشابه بين وجْهينا كما تشابَهت حكايتانا؟
• لا للأسف.. فما زلتِ تحتفظين بجمالك ونَضارتك، وقد ذَبُلت أنا ونحَلت، وفارقني جزء لا يستهان به من البَهاء.
كان هذا حديثًا بين صديقتين كان لهما معًا أحداث قَصص متشابِهة، بدأتْ في زواج غير متكافئ، واستمرَّت تحت نِير ظُلم رجلين متشابهين، وانتهت بقرار متشابه أيضًا، وهو الطلاق بعد صبر دام واستمر لوقت قارَبَ العشرين عامًا.
لن أخوضَ في تفاصيل الحكاية أو الحكايتين، فما يُهِمني هنا هو الحالة التي خرجت بها كل منهما من تجرِبتها والفارق بينهما.
فقد بدت الأولى جميلة نَضِرة، أنيقة مرِحة، وبدتِ الثانية باهتة ذابلة رُغم ملامحها التي تشي بجمال أصيلٍ، ورُغم أناقتها الباهرة.
فما الذي صنع هذا الفرق؟
لقد كان الفارق في تلك الحياة والاهتمامات التي عاشتْها كلٌّ منهما، وهي تخوض غِمار تجرِبتها المؤلمة، وهنا مكمن القضيَّة.
كانت الصديقتان تمتلِكان موهبةً واحدة، أما الأولى فقد بدأت بممارستها بعد سنوات قليلة من الزواج، أدركتْ من خلالها أنها يجب أن تُنمِّي تلك البذرة الجميلة الساكنة في رُوحها، وأنها لن تتغلَّب على شقاء أيامها بلا هدفٍ تعيش لأجله، وبلا موهبة تُنسيها وتأخذها من أجواء منزلها وحياتها الكئيبة المُضنية، فكان أن وضعتْ موهبتَها في المَقام الأول، وتمسَّكت بها بعد أن وجدت أثرها المُبهِج والذي يُخفِّف عنها حِدَّة ما كانت تلقاه، ووجدت كذلك أثرَها في شفاء أوجاع رُوحها، وكذلك أوجاع البدن التي تُسبِّبها الأحزان والآلام والهموم والمتاعب.
أما الصديقة الثانية، فقد استسلمتْ لأوجاعها وأمراضها، واستكانت لها ووجدت بها ملاذًا آمنًا يُريحها من الاستمرار في تلك الحياة الصعبة، فكان أن زادت الأوجاع والأمراض، وذَبُل الحُسنُ والبهاء، وقد عرفت هذا بعد أن اتَّخذت قرارَها بأن تبدأ برحلة الموهبة بعد الطلاق، ووجدت لها ذلك الأثر الجميل في مداواة رُوحها، لكن كان قد فاتها الكثير.